الأزمة المالية-ميمون الغازي/ نيس/ فرنسا
طنجة/الأدبية، الجريدة الثقافية لكل العرب. ملف الصحافة 02/2004. الإيداع القانوني 0024/2004. الترقيم الدولي 8179-1114 

 
قصة/نصوص

الأزمة المالية

  ميمون الغازي    

كان البرد شديد القسوة ذلك الصباح الشتوي الباكر، والطيور لم تغادر الأغصان بعد، او قد تحولت بدورها الى كائنات ثلجية من شدة القر.
هكذا كانت "اويوناكس  تلك القرية الكبيرة التي تشبه المدينة " ذلك الصباح .
مجمعات صناعية، معامل، شركات فرنسية أوروبية ومتعددة الجنسيات، مدينة البلاستيك والبرودة ، كما كان يسميها.
كان يرتدي ملابس صوفية، دافنا رأسه في " شاشية" بيضاء،  يبدو من بعيد كرجل الثلج، بأنفه الأزرق الذي كان يجد الدم صعوبة في الوصول إلى شرايينه الرقيقة بفعل البرد الشديد.  دور محرك السيارة لتسخينه، ونزل ليزيل أكوام الثلج المتجمد بالزجاج الأمامي والخلفي للسيارة، تجمدت أصابعه، وأحس بقهر بارد يعتليه من القدمين حتى الركبتين، وبحذر سريع، وحتى لا ينزلق على الأرض الجليدية دخل السيارة والبخار يخرج من أنفه وفمه كثور هائج. فرك يديه ونفخ في قبضتيه نفسا ساخنا لتدب فيهما الحياة وتحركت السيارة وسط أكوام الثلج كعربة يجرها حمار كسول .
. شغل الراديو ليلتقط أخبار الصباح..واسترسل المذيع في حديث مطول عن الأزمة المالية التي عصفت بأمريكا، وكيف أصبحت تسري في الأسواق المالية العالمية سريان النار في الهشيم مخلفة أضرارا جسيمة في الاقتصاد والبورصات العالمية.
 ـ الخطب جلل والآتي أعظم " قال المحلل الاقتصادي عبر الهاتف" :
ـ ستجبر الشركات وأرباب العمل إلى تسريح العمال لـتخفيف أعباء تكاليف الإنتاج، وسيضطر بعضها للرحيل إلى بلدان افريقية وأروبا الشرقية للاستفادة من اليد العاملة الرخيصة. ..
لم يعر اهتماما لما سماه المحلل الاقتصادي" زلزالا ماليا..

وصل المعمل، وكانت رغبته الوحيدة في فنجان قهوة ساخن يرتب به أفكاره ويدفئ به معدته.
ارتدى بدلته الزرقاء، وجلس في مركزه كما يفعل منذ عشرين سنة أمام آلة ضخمة ترمي له قطع غيار بلاستيكية، يتفحصها وعندما يتأكد من جودتها يقوم بتصفيفها في صناديق بلاستيكية كبيرة، يظل على هذا الحال أربع ساعات قبل الاستراحة، تارة يسرح بخياله ليتجول بين دروب وأزقة مسقط رأسه.. هناك من وراء البحر حيث ضجيج السيارات والعربات والدراجات وزحمة الشوارع والأسواق التي تعج بالألوان الزاهية.. لتبدو للزائر أول وهلة ككرنفال أو موسم صيفي تزيده حرارة الشمس حرارة اللقاء بين الأهل والأصدقاء، وتارة يدندن ألحان قديمة، لازالت تحيى باطنه رغم أن كل ما حوله ساكن وبارد.

دخل مدير المصنع كعادته من الباب الخلفي المجاور لمكاتب ادارة المصنع ألقى بمحفظته الثقيلة في مكتبه العريض،وبدأ يصافح العمال واحدا تلو الآخر بابتسامة خجولة لا تدري إن كانت نابعة من القلب او مصطنعة  بدقة فائقة.
لم ينتبه والمدير يمد يده إليه ليصافحه، ارتبك بعض الشيء، وكالعائد من سفر بعيد بمخيلته ابتسم هو الآخر وقال:
ـ  '' بونجور" 
قطب المدير وجهه  ..فكر هنيهة ثم قال :
ـ بعد أن تنتهي من استراحتك مر بمكتبي أريدك  لأمر هام..



 
  ميمون الغازي/ نيس/ فرنسا (2011-07-14)
Partager

تعليقات:
hichem /maroc 2011-07-15
صديقي العزيز أشاطرك الرأي في الشطر الثاني من تعليقك بأن القصة من الصنف السردي.. لكن النهاية لم تكن متوقعة على الإطلاق وشخصيا أحب هذا النوع من السرد. لقد حاول الكثيرون ركوب موجة الحداثة والتجريب وضيعوا للقصة ملامحها واصبحت كل شيء إلا قصة.
البريد الإلكتروني : xeroxzer04@hotmail.fr

ابروح /المغرب 2011-07-14
نهاية القصة تكاد تكون مفتعلة اي نهاية مسبقة او لا تحمل تشويقا ادبيا يعود الامر الى اللغة الادبية لغة الحكي والسرد تقليدية لان القصة من الصنف السردي لا تحمل تقنيات التجريب او الحداثة
البريد الإلكتروني : aboroh@hotmail.FRRA

أضف تعليقك :
*الإسم :
*البلد :
البريد الإلكتروني :
*تعليق
:
 
 
الخانات * إجبارية
 
   
   
مواضيع ذات صلة

الأزمة المالية-ميمون الغازي/ نيس/ فرنسا

متابعات  |   ناصية القول  |   مقالات  |   سينما  |   تشكيل  |   مسرح  |   موسيقى  |   كاريكاتير  |   قصة/نصوص  |   شعر 
  زجل  |   إصدارات  |   إتصل بنا   |   PDF   |   الفهرس

2009 © جميع الحقوق محفوظة - طنجة الأدبية
Conception : Linam Solution Partenaire : chafona, sahafat-alyawm, cinephilia